-A +A
سلطان الزايدي
يقول نجم فرنسا الأول زين الدين زيدان -حين كان لاعباً: أنا لا ألعب كرة القدم للفوز بجائزة الكرة الذهبية، ألعب كرة القدم لأكون سعيداً؛ لأنني أحبها وأريد لعب كرة القدم.

هذه العبارة التي كان يرددها زين الدين زيدان -مدرب ريال مدريد الحالي ونجمه السابق- تجسّد المعنى الحقيقي للموهبة الحقيقية في عالم كرة القدم، وحالة الاستمتاع التي يشعر بها النجم الموهوب في كرة القدم تفرض نجوميته وتختصر سنوات طويلة من العمل، وقد تعتبر هذه العبقرية في مجال كرة القدم حالة استثنائية، فالعبقرية ليست محصورة في مجال معين أو قدرات فكرية، العبقرية تشمل كل شيء مبهر يصعب وصفه أو الحديث عنه.


ففي كرة القدم النجوم الاستثنائيون حول العالم قليلون، وحين نحلل مسيرة كل نجم فيهم على حدة، نجد أن الموهبة الفذّة هي العنصر المشترك بينهم، وهي السبب المباشر في وصوله لهذه المكانة، ولا يمكن أن نصف لاعباً يؤدي عمله داخل الملعب بعد أن يتدرب عليه بالاستثنائي، أو الموهوب، أو بالنجم المستمتع باللعبة ويمتّع غيره، ولو سلّمنا بهذا الأمر لأصبح كل مَن يلعب كرة القدم موهوباً واستثنائياً.

لماذا كلما توقفت مسابقات كرة القدم حول العالم بدأ الجمهور يحيي الذكريات، ويتذكرون النجوم الاستثنائيين ليتحدثوا عنهم؟ بدليل ما يحدث اليوم في ظل هذه الجائحة، فالمناقشات الدائرة الآن في العالم أحد محاورها النجم الأرجنتيني الأسطوري «دييغو أرماندو مارادونا»، ونجم البرازيل التاريخي «بيليه» والمقارنة بينهما، لدرجة أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي تجد مشاهدات عالية حين يحضر نقاش كهذا، فالمارادونيون لم يستسلموا، وهم ما زالوا يدافعون عن نجمهم الأسطوري، ويضعونه الأول في قائمة كرة القدم على مرِّ التاريخ، وكذلك أنصار بيليه يفعلون الشيء ذاته، والحقيقة المسلَّم بها من الطرفين بأن الاثنين ظاهرتان كرويتان فريدتان يصعب نسيانهما، كما يحدث الآن بين «ليونيل ميسي» و«كريستيانو رونالدو»؛ لهذا فإن النجم الظاهر الموهوب المميز تجده في كل أحاديثه يتحدث عن حبّه للكرة، وإحساسه بالاستمتاع دون أن يتضجر من ممارستها، المتضجرون هم لاعبون يؤدون عملاً كما يُطلب منهم داخل الملعب.

هل «ليونيل ميسي» يكتفي بتأدية دوره المطلوب منه داخل الملعب فقط؟

إن أيَّ متابع بسيط لكرة القدم العالمية سيرفض هذه الفكرة تماماً، ولو كان «ميسي» من هذه النوعية لما أصبح نجم كرة القدم الأول على مستوى العالم.

هناك أشياء كثيرة في تاريخ كرة القدم تجعلنا نتوقف عند حديث «زين الدين زيدان»، حديث الاستمتاع والحب لكرة القدم، وكثير من الشواهد ترسّخ هذا الحديث عند كل المتابعين لكرة القدم في العالم، فعلى سبيل المثال وعلى الصعيد المحلي فيما يخص لعبة كرة القدم في السعودية، نجد مع كل توقف للمسابقات الكروية في السعودية والخليج تتجه الناس للحديث عن الأسطورة «ماجد عبدالله»، الذي اعتزل كرة القدم منذ أكثر من ربع قرن، فهل هذا أمر طبيعي؟!

نجم يعتزل ويبتعد لسنوات طويلة جدّاً عن الملاعب، ولا يزال يحضر في ذاكرة الرياضيين بشكل مستمر.. لماذا؟ لأن ماجد كان عاشقاً حقيقياً للعبة كرة القدم، وموهبة نادرة لا أظن الزمان يجود بمثلها، فما كان يفعله ماجد في الملاعب لم نجد حتى الآن مَن يملك تلك القدرات الخارقة؛ لذا سيبقى ماجد مهما طال الزمن متصدر المشهد الكروي في السعودية، ما لم يحضر موهوب حقيقي يمتّع الجميع، وينسي كل تلك الأجيال السابقة ماجد عبدالله.

كرة القدم لعبة ماتعة حين تجد مَن يمتع ويستمتع بها داخل المستطيل الأخضر.

رمضان كريم.. ودمتم بخير